إشراقة روح
ُهواء عليل ، ونسيم هادئ يداعب الخدود فيتراقص الشَّعَر ويبتهج الفؤاد مع قطرات تنساب من السماء لتعانق الأرض والأجساد ، غاسلة بذلك تعب اليوم وكدره، كل ذلك وأنت تمشي بين خمائل الأشجار والأزهار والورود المتفتحة والمبتسمة ابتسامة ساحرة تأسِرُ قلب الناظر ووجدانه ، تجلس بين تلك الورود المختلفة والتي تتسابق للهمس في أذنيك بأنها الأجمل والأروع والأبهى ، فتحرك يديك لتلامس خدودها برفق وعناية ، وتتمنى أن تقطف وردة لتأنس بها وتستمع بجمالها.
تجلس في هذا المكان متأملاً وجه الشمس المنعكس على صفحة ماء النهر والمحمر خجلاًُ وهو يسرق النظرات إلى تلك الورود والأزهار التي أخفت جماله وبريقه.
جنة أرضية مصغرة أبدعها الله اللطيف المبدع المصور ، مجسدة في واقع الحياة ، تشعر بها وتستمتع بجمالها وبهائها ، إنها لحظات من السعادة الغامرة ولكن هل تدوم هذه السعادة وهل تظل هذه الصورة البديعة مستمرة أم تتغير بتغير الزمان والأحوال.
هذا المشهد يقدح في ذهنك وتصورك وخيالك ويأخذك إلى العالم الآخر ، العالم الحقيقي والنعيم الأبدي ، الجنة وما فيها من نعيم خيالي ، أشجار وأزهار وورود وأنهار وهواء عليل يعزف على أوراق الأشجار ليصدر لحناً موسيقياً يتناسب مع هذا العالم الخرافي لم يكن يوماً من الأيام في تصور الموسيقار بتهوفن أو موزارت أو أكبر الملحنين في العالم ، وحورية غناء في طرفها حور تشاركك هذا النعيم وهذا الخلود.
وأنت تسبح في تلك العوالم تعود إلى واقعك ولحظتك لتراقب انسحاب الشمس وغيابها في الأفق آيبة إلى خدرها ساحبة معها يوماً من عمرك وأجلك.
تنظر في ساعتك التي يشير عقربها إلى اقتراب موعد المغرب لتقف على قدميك عازماً أن لا تفوتك صلاة المغرب لأنها محطة من محطات الوصول إلى جنة عدن ، جنة الخلود والنعيم والحياة الأبدية.
تودِّع الشمس والمكان بنظرات من الامتنان على كرم الضيافة وحسن الاستقبال ممنياً النفس إلى جلسة أخرى في وعد آخر وتأمل جديد...
|